فوائد البكاء

يقول العلماء: "اذا احسست برغبة في البكاء فلا تحبس دموعك، فإن كثيرا من الآلام والأحزان والغضب تسيل مع هذه الدموع"كما أن العلم يقول إن دموع المرأة أسرع من دموع الرجل. فهي تتعلم البكاء قبل الرجل فتربية البنات تحتاج إلى قدر كبير من الحزم قد لا يحتاج إليه الصبي، لهذا فهي تبكي لانها تعاقب أكثر مما يعاقب شقيقها. وبعض علماء النفس يعتبرون بكاء الكبار عودة الى الطفولة.. إنهم يبكون لأنهم بحاجة إلى عطف من حولهم ويبكون لأنهم لا يجدون وسيلة للتنفيس عن الضغط النفسي إلا الدموع، ويبكون حزنا وقهرا وفرحا ايضا. 
وبكاء المرأة الذى يراه البعض أكثر من اللازم لا يرجع فقط إلى طبيعة المرأة الفسيولوجية او النفسية وإنما يعود أيضا إلى أسباب علمية، فالمرأة أكثر بكاء من الرجل بسبب هرمون يدعى "البرولاكتين" وهذا الهرمون يفرزه الجسم كرد فعل للتوتر والأحزان ولمشاعر الاكتئاب التي تنتاب المرأة وهو يرتبط بالبكاء، وعندما ترتفع نسبته في الجسم كثيرا ما يسبب البكاء لأتفه الأسباب. والبكاء بالنسبة للرجل والمرأة أسلم طريقة لتحسين الحالة الصحية وليس دليلا على الضعف أو عدم النضج، وهو أسلوب طبيعي لإزالة المواد الضارة من الجسم التي يفرزها عندما يكون الإنسان تعسا أو قلقا او في حالة نفسية سيئة، والدموع تساعد على التخلص منها. ويقوم المخ بفرز مواد كيميائية للدموع مسكنة للألم. 
والبكاء أيضا يزيد من عدد ضربات القلب، ويعتبر تمرينا مفيدا للحجاب الحاجز وعضلات الصدر والكتفين، وبعد الانتهاء من البكاء تعود سرعة ضربات القلب إلى معدلها الطبيعي وتسترخي العضلات مرة آخرى وتحدث حالة شعور بالراحة، فتكون نظرة الشخص إلى المشاكل التي تؤرقه وتقلقه أكثر وضوحا، بعكس كبت البكاء والدموع الذي يؤدي إلى الإحساس بالضغط والتوتر المؤدي إلى الإصابة ببعض الأمراض مثل الصداع والقرحة. 
وفى المجتمعات الشرقية ربما يعتبر بكاء الرجل شيئا مشينا او دليلا على الضعف، إلا أن الحقيقة إن للرجل الحق فى أن يبكي، فكبت الدموع ربما يعرض الإنسان رجلا كان أو إمرأة للخطر فقد يصيب بأزمات القلب واضطرابات المعدة والصداع وآلام المفاصل. ويرى العلماء من ذلك أن عمر المرأة أطول من عمر الرجل لأنها لا تتردد فى ترك العنان لدموعها ولا ترى فى ذلك حرجا، وبالتالي يسهم ذلك فى راحتها النفسية والجسدية، أما الرجل - فى المجتمعات الشرقية بالذات- فمع تعرضه للضغوط وفي الوقت نفسه تحفظه بشأن البكاء وبعملية حسابية بسيطة وجد العلماء ان المرأة نظريا تكون أطول عمرا.

البكاء في علم النفس 

البكاء خبرة سيكولوجية يمر بها كل إنسان فى مختلف مراحل حياته، صغيراً كان أو كبيراً، ذكراً كان أو أنثى، غنياً كان أو فقيراً، ورغم شيوع خبرة البكاء لدى جميع الناس، إلا أن الملاحظ أن الدراسات التى أجريت على البكاء، أو الكتابات التى أثيرت حوله، قليلة جداً وأغلب الظن أن مرجع ذلك إنما لكون البكاء خبرة سيكولوجية مؤلمة، والإنسان عادة ما يبتعد عما يؤلمه سواء بقصد أو دون قصد، فلا الكتاب يريدون أن يكتبوا عن البكاء، ولا القراء يقبلون على القراءة عنه!!.
والحقيقة التى لا شك فيها أن البكاء آية من آيات الله عز وجل فى النفس الإنسانية، مثله تماماً مثل الحياة والموت والخلق، فهو القائل سبحانه: (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى 43 وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا 44 وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى 45) النجم: 43-45، فهو سبحانه الذى خلق البكاء وسبب دواعيه، وجعله ظاهرة نفسية عامة ومشتركة لدى جميع البشر على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وألسنتهم ومذاهبهم وبيئاتهم، فالبكاء لغة عالمية لا تختلف باختلاف الألسن أو الثقافات أو البيئات، فالجميع يبكون بنفس الطريقة ولنفس الأسباب غالباً.
وغالباً ما يكون البكاء مصحوباً بانهمار الدموع من العيون، ورغم أن للدموع وظيفة فسيولوجية تتمثل فى ترطيب العين وتليين حركتها أثناء النظر من جهة إلى أخرى، وأيضاً زيادة مقاومتها للعدوى، إلا أن لها أيضاً وظيفة نفسية، فالخبراء النفسيون ينصحونك بالبكاء، وأن تترك العنان لدموعك تنهمر على خديك، عند تعرضك لمواقف نفسية صعبة أو توتر عصبى شديد، فالدموع تجلب الراحة النفسية لأنها تساعد على إزالة التوتر النفسى والتخفيف من الضغط العصبى على الإنسان.
المرأة أكثر بكاءاً من الرجل
يؤكد العلم الحديث أن المرأة أكثر بكاء من الرجل بسبب زيادة عدد الغدد الدمعية لديها وغزارة إفرازاتها عن الرجل، والحقيقة أن الدموع تاج على رأس المرأة لا يعرفه إلا الرجل، فالمرأة عندما تبكى فإنها تخفف من توترها العصبى وترتاح بدموعها، ولذلك فالدموع لها نعمة، أما الرجل فإنه لا يعرف كيف يبكى، فالتربية الشرقية تزرع بداخله منذ الطفولة أن الدموع للنساء وأنها ضعف وعيب يجب أن يخجل منه، ولذلك فالرجل يغلى من الداخل تماماً كإناء يغلى ويتبخر ويحتبس بخاره بداخله، أما الغليان داخل المرأة فيتحول إلى قطرات دموع تنفس بها عما بداخلها من غليان، لذلك تنفجر المرأة بالدموع، ولكن الرجل ينفجر فقط!!، وقد يموت الرجل من هَمٍّ واحد ينفجر بداخله، ولا تموت المرأة من عشرات الهموم، لأنها تبكى فتريح أعصابها أولاً بأول، لذلك يقول بعض الفلاسفة أن المرأة أطول عمراً من الرجل لأنها أكثر منه بكاء وأغزر دمعاً.
فالبكاء نوع من التفريغ والتفريج النفسى الذى يريح أعصاب المرأة ويجعلها أصح وأسلم من الرجل الذى أعتاد ألا يبكى – بحكم التربية – وهى غلطة تربوية كبيرة، فيجب أن نترك الطفل يبكى ففى ذلك تخفيف من توتره العصبى، فالبكاء سلوك صحى وعلاج سريع لأغلب المتاعب النفسية.
لماذا نبكى؟
يرتبط البكاء غالباً بالضعف، فهما متلازمان سواء كان الضعف مرضاً أو وفاة عزيز أو أزمة أو غير ذلك، لأن البكاء فى أصله استغاثة، فالصغير عندما يبكى ويرتفع صوته ويجهش فإنه يستغيث، وينجح فى أن يحرك فى الأم كل عواطف الأمومة فتهرع لحمايته، ويقول علماء النفس أن صرخة الطفل تفتح قلب الأم، فمن فضل الله علينا أن جعلنا نبكى حتى نحصل على الحماية والرعاية والعطف، وقد دلت الدراسات النفسية على أن الطفل فى سن الثالثة يبكى فى حضور أمه أكثر مما يبكى إذا كان بمفرده، بل أن كثيراً من الأطفال يكونون هادئين فإذا ظهرت الأم بدأوا يبكون، وهذا معناه أن البكاء له وظيفة فإذا انقطعت صلة البكاء بوظيفته انقطع البكاء، فالمقصود بالبكاء تحريك الآخرين، فإذا كان الآخرون غير موجودين فإن البكاء يفقد وظيفته ويختفى.
والإنسان عندما يبكى فإنه يعبر عن ضعفه واحتياجه إلى الأمان والراحة، فلا يجد غير الدموع تنفيساً عما يعانيه من ألم نفسى وضغوط عصبية، لذلك وضع قدماء المصريين تقاليد الجنائز عند الوفاة حيث يجتمع الناس ويبكون ويستبكون ويحمس بعضهم بعضاً، وبذلك تكون الجنائز فرصة لتفريغ شحنات انفعالية عند الكثيرين، ولا زال بعضاً من ذلك سائداً فى كثير من المجتمعات العربية حتى الآن خاصة بين النساء.
وبكاء الشخص عند وفاة عزيز عليه نوع من الضعف واليأس، ومعناه انعدام القدرة على عمل ما ينقذ الموقف وغرضه اللاشعورى استدرار عطف الآخرين، فقريب المتوفى مثلاً يكون متأثراً وحزيناً دون أن يبكى عادة وهو بمفرده، فإذا ألتقى مع قريب آخر أو صديق بكى الاثنان معاً، فالبكاء يظهر عادة بالالتقاء الذى يصحبه التجاوب بين الأشخاص، فنحن عندما نرى الآخرين يبكون يتولانا ميل إلى البكاء ونبكى فى الغالب بالفعل، وهكذا تصطخب الجنائز بالبكاء، ولهذا يجتمع الناس للبكاء، ولو أنهم يقولون عادة أن كلاً يبكى على حاله أو مأساته الخاصة.
صور من البكاء
.
ومن الصعب الإحاطة بجميع أشكال وصور البكاء لدى جميع البشر، فالبكاء ظاهرة نفسية تتنوع مظاهرها وأسبابها ووظائفها بتنوع واختلاف نفسيات البشر ذاتهم، ولذلك سنكتفى بالإشارة إلى بعض الصور الشائعة من أنواع البكاء.
بكاء الأطفال** بكاء الضعف والخوف** بكاء الشفقة والرحمة
بكاء المحبين والعاشقين
فللبكاء لدى العاشقين وظيفة هامة فى التخفيف عما يلاقونه من نار الشوق، وخوف الفراق أو العوازل، وهو نوع من التفريج النفسى لما يعانوه من ألم الحب والخوف على المحبوب.
بكاء الفرح** بكاء الخديعة والكذب** بكاء السماء والأرض** البكاء من خشية الله** بكاء الندم.
وأخـيراً .. أبكـوا تصـحـوا!!
ومما سبق يتضح لنا أن للبكاء صور عديدة ووظائف كثيرة، وأنه غالباً ما يكون نوعاً من التنفيس والتفريج عن النفس المثقلة بالهموم، والقلب المكلوم المفعم بالأسى، فدموع الإنسان راحة لقلبه وسكن لنفسه وترويح عن أعصابه، والبكاء وسيلة فعالة لاستعادة الإنسان لهدوئه واتزانه النفسى، وهو نعمة كبرى من نعم الله عز وجل، وآية من آياته سبحانه فى النفس البشرية، ولولاه لمات الإنسان كمداً، ولأضحت حياته جحيماً من كثرة الضغوط والهموم، فسبحان من جعل من البكاء نعمة، ومن الدموع شفاء.
فلنحافظ على نعمة الله ولا نجحدها، ولنترك لأنفسنا العنان فى البكاء كلما أحسسنا بحاجتنا إليه، ولنعلم أطفالنا أن يبكوا عندما يشعرون بالحاجة للبكاء، فما كانت الدموع يوماً عاراً على صاحبها، وما كان البكاء يوماً عيباً نخجل منه، وكيف نخجل من نعمة مَنَّ الله بها علينا رحمة منه بنا وتخفيفاً منه عز وجل عن نفوسنا المتعبة، فيجب ألا نخجل من دموعنا أبداً، فهى دليل على سواءنا العاطفى، واتزاننا الانفعالى، وصحتنا النفسية، وحتى لو كانت الدموع دليلاً على الضعف 

فإنه خير لنا أن نبكى ضعفاً من أن نموت كمدا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة